الأربعاء، 8 مارس 2017

التسويق الحكومي

التسويق الحكومي
في كل مرة أعرف فيها نفسي برئيس قسم التسويق في الجامعة يقاطعني السؤال ذاته, وهل في الجامعات أقسام أو إدارات تسويق؟ فاضطر بعدها لأن أخبر بأني رئيس قسم التسويق في كلية إدارة الأعمال ولست رئيسا لوحدة التسويق في الجامعة. وبعدها تزول الدهشة من أعينهم. الدهشة التي تولدت بمجرد ذكر كلمة قسم التسويق في جهة حكومية وكأن الأصل عدم وجود التسويق في الوزارات والمؤسسات الحكومية. صحيح أننا توارثنا عدم وجود أقسام للتسويق في القطاع الحكومي بشكل عام ولكن هذا ليس سببا كافيا لعدم تصحيح هذا الموروث ولعل ذلك يعود إلى أربعة أسباب: السبب الأول, الربط بين الحاجة لوجود قسم التسويق إلى وجود المنافسة. السبب الثاني, أن الجهات الحكومية لا تبيع السلع وغالب الخدمات التي تقدمها مجانية. والسبب الثالث: أن جزء كبيرا من دور الوزارات والمؤسسات الحكومية فيما يتعلق بالقطاع الخاص هو تسيير الأعمال. والسبب الرابع: حصر فهم التسويق على الإعلان والمبيعات.
ففي الحقيقة المنافسة والبيع ليسا شرطا لوجود إدارة للتسويق في الوزارات لأن أهداف التسويق تتنوع فمنها تطوير الخدمات الحكومية وتعزيز الصورة الذهنية وتوعية الناس وبناء نموذج لممارسات تسويقية رسمية رائدة. ففي التسويق الاجتماعي مثلا نحن لا نرى صور للبيع أو المنافسة. ونقصد بالتسويق الاجتماعي هو التسويق الذي يعنى بتوعية المجتمع من بعض السلوكيات السلبية أو الحدث على بعض السلوكيات الإيجابية مثل مكافحة التدخين التوعية بأمراض السرطان أو التوعية بأهمية ربط حزام الأمان. وكما أن حصر المنافسة في المنافسة المباشرة يحد من تصور حالة السوق. 
وهذا يذكرني بما كتبه ثيودور ليـفيت في مجلة هارفورد بزنس ريفيو 1960م أن المسؤولين في السكة الحديد تسببوا في انكماش سوقهم بسبب قصر نظرهم التسويقي Marketing Myopia وعدم قدرتهم على فهم السوق والمنافسين. فكان يقول أن كل وسائل النقل هي منافس  للسكة الحديد. يقول فيليب كوتلر ونانسي لي إذا أرادت المكتبات الحكومية تعظيم المنافع من برنامج القراءة الصيفي فعليها معرفة منافسيها المباشرين (المكتبات الخاصة) ومنافسيها غير المباشرين (ألعاب الكمبيوتر).
الفكر التسويقي هو حل إداري إبداعي يسعى إلى تطوير المنشآت والخروج بها من حلقات البيروقراطية والنمطية اللامنتهية. أن مهام قسم التسويق في الوزارات قد تشمل تطوير الخدمات الحكومية, تسعير الخدمات, استراتيجيات الانتشار ودراسة أماكن التواجد, إدارة العلامات التجارية وإدارة السمعة والصورة الذهنية, التسويق الاجتماعي و الاتصالات التسويقية, تطوير خدمة العملاء (المراجعين), تطوير الشراكات الاستراتيجية لخدمة أفضل, الدراسات التسويقية, مراقبة الأداء ورضا العملاء في الخدمات المقدمة, فعالية أكبر لسماع شكاوى واقتراحات العملاء, إدارة المحتوى والتواصل الاجتماعيوالتسويق الداخلي. 
كما أن وجود إدارة للتسويق في الوزارات سوف يعزز دور المركز الإعلامي وإدارة العلاقات العامة من خلال وضع استراتيجية اتصال متكاملة. وفي الختام يجب أن نشكر وزارة التجارة لتأسيسها إدارة التسويق والإعلام الجديد وهي خطوة في الاتجاه الصحيح الذي نأمل أن تحذو تخذوه الوزارات الأخرى.     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق