الصفحات

الأربعاء، 26 يوليو 2017

العلامات التجارية كذبة أم حقيقة؟

العلامات التجارية كذبة أم حقيقة؟


تكرر الحديث في مواقع التواصل الاجتماعي حول العلامات التجارية (الماركات) وأنها "كذبة اخترعها الأذكياء لسرقة الأغنياء فصدقها الفقراء" وقد نسبت هذه العبارة إلى وزير التجارة في أحد الدول الأوروبية. وبغض النظر عن ثبوت النقل في هذه العبارة من عدمه،فهناك أمور كثيرة ينبغي مناقشتها. ولكن قبل ذلك، أريد توضيح أن هذه المقالة تتحدث عن العلامات التجارية Brands أو كما سماها الأستاذ زياد أورقنجي بـ "الإيسام" وليس العلامات التجارية بمفهومها Trade Mark"".
أصل كلمة "Brand" هي كلمة Brandr"" وهي في اللغة النرويجية القديمة تعني الإحراق بالنار. وكانت تستخدم لحرق علامات على الحيوانات وكل نفيس لإثبات ملكيته. وقد بدأت هذه العادة في عام 2000 قبل الميلاد ولكن في بداية القرن التاسع عشر الميلادي ظهرت الحاجة لاستخدامها تجارياً نظراً للطفرة الصناعية في الإنتاج وظهور وسائل النقل والمواصلات. فقد ساهمت الطفرة الصناعية في كثرة المعروض في الأسواق مما دعا لضرورة التفريق بينها.
كما ساهم ظهور وسائل المواصلات إلى وصول منتجات لم تكن معروفة من قبل في الأسواق وكذلك ساهمت في انتقال الناس إلى مناطق بعيدة لم يكن لديهم معرفة بالمنتجات المتداولة فيها مسبقا. فمثلا لو سافر أحدنا إلى كوريا الجنوبية ورأى علامة الـ m الصفراء في فإنه حتما سيتوقع نوع و جودة الطعام ومستوى السعر وبيئة المكان في هذا المطعم قبل الدخول إليه.
يظن البعض أن العلامة التجارية هي مجرد ختم أو شعار يوضع على المنتج للمبالغة في سعره ويتناسون أن هذا الشعار بمثابة مقياس للجودة والكفاءة وأمور كثيرة. لذلك تعرف العلامات التجارية بأنها مجموعة من التوقعات والخبرات والذكريات والقيم والسمعة والعلاقات المرتبطة بالشركة أو السلعة أو الخدمة والتي تميزها عن غيرها.
ولو تأملنا في القوائم المالية لشركة أبل لوجدنا أن قيمة الأصول المتداولة للشركة في نهاية عام 2016م هو 106 مليار دولار بينما قيمة العلامة التجارية فقط هو 176 مليار دولار. لذلك قد يكون المحافظة على قوة العلامة التجارية أهم في بعض الأحيان من زيادة المبيعات والحصة السوقية. فنحن نرى كثيراً من شركات السيارة الفخمة تحافظ على مستويات سعرية عالية حتى لا تتأثر قيم علامتها التجارية.
غالباً ما يحصر الحديث عن العلامات التجارية في الأحذية والحقائب النسائية والساعات. وفي الحقيقة كل اسم هو علامة تجارية. فلو سألت أحدهم لماذا دائما تفضل شراء لبن المراعي عن غيره لعد لك مجموعة أسباب متعلقة بالطعم والسعر والتوفر والتنوع والجودة وغيرها. فهل لبن المراعي، كذبة؟ وهذا المثال يمكن تطبيقه على تويوتا وشماغ البسام ومطعم البيك وأيضا سكري القصيم وخلاص الخرج ونعناع المدينة (فإن بلد المنشأ تضيف قيمة وجودة للمنتج).
وأنا هنا لا أدافع عن ممارسات الشركات الخاطئة فنحن نرى في الأسواق منتجات وعلامات تجارية لا تحافظ على معايير الجودة وقيم العلامة التجارية. وبعضها للأسف تبالغ في الأسعار بشكل غير مبررلا يعكس منافع العميل خصوصا تلك التي يتجاوز سعرها في السوق المحلي سعرها في بلدها الأم بنسب ملحوظة. ومما سهل على الشركات رفع الأسعار هو وجود هوس عالي لدى بعض المستهلكين تقابله قوة شرائية عالية وسلوكيات مالية خاطئة الهدف منها التفاخر والتباهي.
وخلاصة القول، إذا كان للعلامات التجارية زيادة في السعر فلا بد أن تقابل هذه الزيادة قيمة (منفعة للعميل) سواء كانت في الجودة أو الوظيفة والأداء أو كانت منافع اجتماعية وعاطفية واقتصادية. وما عدا ذلك فهو كذبة واستغلال للعميل.
رابط المقال
http://www.maaal.com/archives/20170726/94421

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق