الاثنين، 14 أغسطس 2017

أقصر طريق إلى قلب العميل

مقالي في صحيفة مال يوم الأحد 13 أغسطس 2017
رابط المقال في الصحيفة http://www.maaal.com/archives/20170813/95259
أقصر طريق إلى قلب العميل
يشاع لدينا في المجتمعات العربية أن "أقصر طريق إلى قلب الرجل،،،معدته" لذلك نجد كثيراً من الرجال تزداد أوزانهم بشكل ملحوظ بعد الزواج!!! ولكن صحيفة التايمز البريطانية في عددها الصادر يوم الجمعة 25 أبريل 2008 نشرت خبراً عن دراسة أثبتت أن أقصر طريق إلى قلب الرجل هي أذنه اليسرى حيث أنها مرتبطة بالجانب العاطفي من الدماغ خلاف الإذن اليمنى التي تعتبر مدخل إلى الجانب المنطقي من الدماغ.
ولكن السؤال الذي يهمني هنا، ما هو أقصر طريق إلى قلب العميل؟ قبل أن أجيب عن هذا السؤال أريد أن أقول أن هناك خمسة طرق رئيسية إلى قلب العميل وهي القيمة الوظيفية والقيمة الاقتصادية والقيمة العاطفية والقيمة الاجتماعية وقيمة الملائمة. ودعوني أشرح تأثير هذه الطرق على قلب العميل في القطاع المصرفي أو بطريقة مبسطة ما هي العوامل التي تجذب العملاء للتعامل مع بنك محدد؟.
القيمة الوظيفية يقصد بها أداء البنك وجودة المنتجات. صحيح أن المنتج الذي يقدمه البنك هو المال وهو لا يختلف من بنك لآخر ولكن جودة إدارة الأموال والاستثمارات وأرباح البنك مثلاً مهمة جداً لكسب ثقة العميل وولائه. القيمة الاقتصادية يقصد بها المنافع التي يحصل عليها العميل مقابل ما يدفعه Value for Money. فكثير من العملاء بلا شك لديهم حساسية عالية للرسوم والفوائد التي تدفع للبنك وخاصة لو تحدثنا عن القروض العقارية ذات المدة الزمنية الطويلة والمبالغ المرتفعة. القيمة العاطفية يقصد بها التأثير على عاطفة العميل لاتخاذ قرار معين من خلال نقاط التقاء مشتركة بين العميل والمنتج ولها أنواع عديدة أشهرها العاطفة الدينية والحنين للماضي. فمثلاً كثير من العملاء يفضل التعامل مع بنك محدد لاقتناعه بأن عملياته إسلامية أو تأصيل قيم مثل الأصالة والعراقة في هوية البنك فهي يستهوي طبقة معينة من العملاء. القيمة الاجتماعية ونعني بها نظرة الأشخاص المهمين للعميل في علاقته مع هذا البنك. وهنا من المهم جداً للبنوك إدارة الصورة الذهنية لمجتمعات العملاء الواقعية والافتراضية. فمثلاً تجد بعض البنوك ارتبطت ذهنياً بالرقي و التقدم التقني وأخرى ارتبطت بأنها بنوك الطبقة الكادحة والخدمة البطيئة فبالتالي يرغب العميل في تعريف نفسه بأنه عميل في البنك الراقي لأن ذلك يشبع بعضاً من قيمه الشخصية. قيمة الملائمة (أو الموافقة) ويقصد بها الراحة وسهولة الحصول على المنتج. فمثلاً سهولة الوصول للبنك وسرعة الخدمة وسهولة الاجراءات وتوفر مواقف السيارات ومعرفة أحد الأشخاص الذين يعملون في هذا البنك.
ووفقاً لدراسة أجريتها في عام 2015م عن تأثير هذه القيم على ولاء العميل في القطاع المصرفي السعودي وجدت أن أكثر قيمة تأثر على ولاء العميل هي القيمة العاطفية. وهذا يتوافق مع دراسات كثيرة تأكد أن العميل السعودي هو عميل عاطفي في المقام الأول. وللتنبيه فمعنى كلمة عميل عاطفي ليس " عميل رومانسي" بل المقصود أن غالب قرارته تتأثر بالمشاعر والعواطف اللحظية أكثر من التحليل المنطقي العقلاني المدروس. ولعل تأثير هذه القيمة كبير في القطاع المصرفي نظرا للتقارب الكبير في القيمة الاقتصادية والقيمة الوظيفية للبنوك السعودية.
وفي الحقيقة، أن لا أرى أن هناك طريق وحيد إلى قلب العميل أو أن هناك طريق أقصر من الآخر. أنا أنظر إليها كتركيبة كيميائية لعلاج ما. يجب أن يحتوي هذا العلاج على نسب موزونة من هذه القيم ومن الصعب تجاهل أحد منها. ولكل فئة عملاء تركيبتهم الخاصة من هذه القيم لذلك نبدأ دائماً بقول "أعرف عميلك".

الأربعاء، 9 أغسطس 2017

كيف تسوّق نفسك؟

كيف تسوّق نفسك؟

مقالي في صحيفة مال يوم الأربعاء 9 أغسطس 2017 

لا أظن نفسي الشخص الوحيد الذي تستفزه رسائل "الواتساب" التي تدعي النصح والإرشاد وهي مليئة بالمغالطات أو تلك التي تستخدم المصطلحات العلمية ومحتواها بعيد كل البعد عنها. ما دعاني لكتابة هذا الموضوع هو رسالة واتسآب من أحد الأصدقاء عنوانها "كيف تسوّق نفسك؟" بعثها إلي وهو ينتظر مني أن أقوم بالثناء عليها ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي. ولكني أحببت أن أقدم له هذا المقال لتوضيح بعض الأمور المتعلقة بعنوان رسالته الكريمة.

أولاً، هل يوجد هناك ما يسمى بتسويق النفس أو تسويق الذات؟ نعم، علم التسويق يهتم بتسويق المنتجات وكما قالفيليب كوتلر أنواع المنتجات كثيرة وتشمل السلع والخدمات والأفكار والأحداث والخبرات والوجهات والأشخاص والمؤسسات والمعلومات والملكيات كالعقارات والأوراق المالية. وموضوع اليوم هو صورة من صور تسويق الأشخاص. إذن أين المشكلة؟ المشكلة هي أن الرسالة ناقشت أمور مثل إنشاء بريد إلكتروني مميز وكتابة سيرة ذاتية بطريقة مميزة وإنشاء موقع على الإنترنت وإرسال السيرة الذاتية لعدد كبير من الجهات واختزلت التسويق فيها. 

التسويق باختصار هو علم يعنى بخلق القيم (المنافع) ولذلك هو يبدأ التسويق قبل عملية الانتاج. ويمكن أن نقول ببساطة أن التسويق يقودنا إلى صنع ما نستطيع بيعه لا بيع ما نستطيع صنعه لأن الثانية أكثر جهداً وتكلفة وهي ما يسمى بعرف الباعة "تصريف البضاعة" أو الترويج المكثف إما بتخفيض الأسعار أو كثرة الإعلانات هو بالتحديد ما تحدثت عنه الرسالة فهي ركزت على الإعلان عن نفسك وبناء الرسالة دون التركيز على خلق قيمة لنفسك. وهذه الممارسات يجب أن تتوقف وأن تقوم مكانها ممارسات صحية قائمة على خلق القيم. 

ثانياً، ما هو تسويق الذات للوظيفة، إذن؟ تسويق الذات للطلاب يبدأ قبل مرحلة التخرج من الجامعة (الانتاج) أو ما يسمى بتطوير المنتج. ولكي يطور الطالب نفسه عليه معرفة قدراته وميوله وقد يعينه على ذلك مقياس الميول المهنية الخاص بالمركز الوطني للقياس "قياس" ومن ثم يحاول معرفة منافسيه كيف ميزوا نفسهم وهل هناك انكباب كبير على تخصصات معينه وبعدها يحاول معرفة الشركات الموظفة وما هي متطلباتها ورغبتها وتوجهاتها المستقبلية وخططها الاستراتيجية. إذن، لكي أسوق نفسي أقوم بتطوير نفسي من خلال معرفة ميولي وقدراتي التي تساعدني في النجاح في التخصص والتميز عن أقراني والحصول على المؤهل الذي تحتاجه الشركات.

ثم يقوم الطالب بدراسة الشركات المستهدفة حيث يساعده ذلك في خلق قيمة لنفسه. ويبدأ ذلك في تقسيم السوق إلى قطاعات أو تقسيم جغرافي أو تقسيم حسب بيئة العمل. مثلاً، الشركات الكبرى التي أرغب الالتحاق بها هي البنوك أو شركات الاتصالات أو شركات أو الجامعات. ويبدأ الطالب بدراسة كل جهة على حدى لكي يحد الجهة المستهدفة من تسويق نفسه بشكل دقيق ويقوم ببناء سيرته الذاتية بشكل مميز يدعم الحاجات والتطلعات المستقبلية لهذه الجهات.
وأقصد ببناء سيرته الذاتية ليس كتابتها بل بناء ما يكتب فيها. مثلاً، لو كنت تستهدف القطاع المصرفي ووجدت أن توقعات هذا القطاع وحاجته لطلاب متميزين علميا في التخصصات مالية وإدارية مجيدين للغة الإنجليزية والحاسب ومهارات التواصل. إذن، عندما يتخرج الطالب بمعدل متوسط وهو يعلم قوة المنافسة على تخصصه وتجد نصف سيرته الذاتية تتحدث عن معلوماته الشخصية ويتخرج وهو لا يعلم ما هي الجهات المستهدفة لتوظيفه ولم يحصل خلال فترة دراسته على دورات مرتبطة بمجال توظيفه فهو لم يسوق نفسه. وبعد القيام بهاتين المرحلتين يصح لنا أن نتحدث عن التسعير و الترويج. قوة التفاوض لدى الطالب للجهات الموظفة تكون بحسب ما يملكه من نقاط القوة. وترويج الطالب لنفسه مهم جدا وأتمنى أن لا يفهم من مقالي هذا التقليل من أهمية الخطوات التي ذكرتها رسالة الواتسآب ولكن ما أردت قوله هو مكانها الصحيح يأتي بعد تطوير المنتج بشكل يسهل علينا عملية الترويج بشكل صحيح وليس تصريف البضاعة بأقل سعر وبجهد عالي ووقت طويل.

عادة عندما أتحدث عن هذا الموضوع أجد ردود الناس تتركز في ثلاث محاور: الواسطة في التوظيف وقلة الوظائف والتخصص الذي كنت أرغب فيه لم يكم متاحاً لي في التسجيل. وأريد أن أقول بشكل عام هذه كلها دليل على شدة المنافسة  لذلك فهي تزيد من أهمية ما قلت ولا تضعفه لذلك اصنع لنفسك واسطة من خلال تسويقك لنفسك وفكر في خلق أسواق جديدة وسوق نفسك لك مرحلة بشكلها المناسب فمن يتخرج من الثانوية بمعدل متوسط بالتأكيد سيجد صعوبة كبيرة لكي يجد لنفسه مكانا في التخصصات القوية والمطلوبة بسوق العمل.

الحديث عن هذا الموضوع يطول ولا تكفي مقالة لمناقشته ولكني أحببت أن أقدم إشارات في هذا الموضوع. وفي الختام، التسويق هو عمل دائما لا ينتهي فتطوير الذات عملية مستمرة لا تتوقف ومتى توقف الإنسان عن تطوير نفسه بدأت مرحلة الانحدار حتى لو كان في القمة لفترة طويلة ولعل شركة نوكيا أكبر مثال على ذلك.

الخميس، 3 أغسطس 2017

ضمان مدى الحياة

ضمان مدى الحياة
مقالي في صحيفة مال بتاريخ 30 يوليو 2017
يروى أن أحد ورش دهان ورش السيارات علقت لوحة كبيرة عند المدخل " ضمان مدى الحياة" وكتبت تحتها ملاحظة صغيرة يلغى الضمان في حال تعرض السيارة لظروف بيئة ويشمل ذلك المطر والغبار والرياح وأشعة الشمس المباشرة!!! وهذا يعني أن الضمان في الحقيقة لا يتعدى دقائق معدودة من خروج السيارة من الورشة.
والقصص المشابهة في هذا الموضوع تكاد لا تحصى ولا يتسع المجال لذكرها وأعتقد أن الردود على هذا المقال ستتزاحم في ذكر التجارب المحزنة. نحن بحاجة لرقابة المحتوى الإعلاني في السوق السعودي. فمثلا عندما تدعي شركة ما أن هذا المنتج يقضي على الجراثيم ويزيل القشرة أو يمنع تساقط الشعر هل هناك من يحاسبها على هذا الإدعاء؟.
يقول الدكتور متعب التميمي (طبيب جلدية – المستشفى الجامعي في مدينة ميونخ – المانيا): "المضحك المبكي، أنه لا يوجد شامبو ثبتت فعاليته طبياً وتم الترخيص له ضد تساقط الشعر! ومع ذلك تجد المئات منها في الأسواق تدعي ذلك بشكل صريح!"
في الحقيقة يحق لمن أشترى المنتج وجربه ولم يحقق له المنفعة المزعومة رفع بلاغ غش تجاري وعليه إثبات شرائه للمنتج استخدامه بشكل صحيح وغيرها. ولكن ليس هذا ما نطمح له لأن نسبة من يقوموا برفع بلاغ في حالة تعرضهم للاحتيال في المنتجات الإستهلاكية لا تتعدى 3%. وهناك مجموعة من العوامل التي تمنع العملاء رفع بلاغ غش تجاري مثل قلة الوعي بحقوقهم وعدم معرفة الاجراءات والتكاسل أو عدم المبالاة أو ظنهم أن البلاغات لن تقدم أي جدوى في الموضوع.
لو تأملنا التجربة الأوروبية لوجدنا أنه لا يسمح لأي معلن بوضع معلومة في الإعلان إلا بعد أن يذكر مصدر هذه المعلومة في نفس الإعلان فمثلاً لو أن شركة معجون أسنان تدعي أن منتجها يعالج إلتهاب اللثة أو يزيل الجير أو يبيض الأسنان يجب عليها أن تذكر في نفس الإعلان ما هو مصدر هذه الدراسة التي أثبتت فعالية المنتج. فالأمر ليس متروكا للشركات لتزعم كما تريد.
المادة 74 "محضورات مضامين الإعلان" والمادة 75 "ضوابط نشر إعلانات الطرق" والمادة 76 "ضوابط الإعلان التجاري في الصحف المحلية" في نظام المطبوعات والنشر لم تتطرق للمحتوى الإعلاني ذاته من الناحية التسويقية ولكن تطرقت لأمور هامة أخرى مثل عدم التطرق للروابط الأسرية والتقاليد وعدم عرض الجريمة وعدم استخدام ألفاظ نابية وغيرها.
ونحن نعلم عن وجود المحضورات دينية واجتماعية وتجارية وسياسية في الإعلانات ولكن ماذا عن صدق الرسالة التسويقية من يحاسب المعلنين عنها. الحاجة إلى وجود نظام صارم للرقابة على المحتوى التسويقي جدير بإيقاف استغلال كثير من الشركات لحسن نية العملاء وحاجتهم. وزاد هذا الموضوع مع انتشار المعلنين من المشاهير والمؤثرين في وسائل التواصل الإجتماعي. فنجد بعضهم للأسف يروج لمعلومات مغلوطة عن المنتوجات والشركات في سبيل الكسب المادي.