نشرت هذه المقالة في جريدة الرياض الخميس 15 جمادى الآخرة 1437 هـ - 24 مارس 2016م - العدد 17440 , صفحة رقم (31) و
رابط المقالة
نزولاً عند رغبة العملاء
د. أحمد بن سهيل عجينة*
لفت انتباهي بينما كنت اتصفح أحد مواقع التواصل الاجتماعي خبر ايقاف برنامج تليفزيوني في احدى القنوات العربية نزولا عند رغبة المتابعين حيث تم تداول وسم يطالب بإيقاف البرنامج على نطاق واسع. وخلال نفس الفترة تقريبا تم أيضا اعتذار احدى القنوات العربية لمتابعيها نتيجة لاستضافة أحد المحللين المسيئين للمملكة. وتبع ذلك فتح تحقيق في هذه القناة واتخاذ إجراءات تنظيمية عاجلة تضمن عدم تكرار مثل هذا الخطأ مجددا. في الحقيقة هذه ردود فعل سريعة استجابة لموجة غضب عارمة مرت بالشارع العربي حيث ان العاملين في مجال الإعلام يعرفون جيدا قوة تأثير المتابعين من خلال وسائل الإعلام الجديد. ما حدث كان صورة من صور قوى التغيير الذي يفرضه العملاء على الشركات.
ان القوى الدافعة للتغيير في سلوك الشركات تكمن في خمس قوى رئيسية أهمها وأقواها هو سلوك المستهلك (لعلي اتطرق للقوى الأخرى في مقالات لاحقة). وأقصد هنا سلوك المستهلك الإيجابي الذي لا يكتفي بالنقد والتشكي وانتظار أن يأتي إليه كل شيء جاهزا. لا بد لنا كمستهلكين أن نعترف بقوتنا فهي سلاحنا في مواجهة جشع بعض الشركات. فما الذي سوف يوقف الشركات عن المبالغة في تعظيم الأرباح على حساب المجتمعات إذا كان العميل مستمرا في الشراء والتعامل معها رغم كل تحفظاته على سياسات الشركات وسلوكياتها. وأحب أن أؤكد أنه حتى في حالات الاحتكار monopoly أو احتكار التواطئ oligopoly (يحدث عندما يكون السوق محكوما بعدد محدود من المنافسين ويكون بينهم تواطئ على سلوكيات معينة) فإن سلوك المستهلك حتما ستؤدي إلى تغيير هذا السلوك سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وأقصد بطريقة مباشرة قلة عمليات الشراء أو كميات الشراء للشخص الواحد أو تأثر قيمة العلامة التجارية للشركات بسبب سوء تصنيف العملاء لهم. أما الطريقة غير المباشرة فهي استدعاء تدخل الجهات المنظمة للسوق مثل وزارة التجارة أو مؤسسة النقد لإنهاء هذه التصرفات أو الضغط الموجه من مؤسسات المجتمع المدني. ولكن هذا كله لا يحدث في المجتمعات ذات المرونة العالية والتي تتكيف مع أي شكل من أشكال التجارة التي تقدمها الشركات. يجب أن يقف العملاء صفا واحد لرفع كفاءة السوق. وأقصد برفع الكفاءة هنا تحسين جودة المعروض وتقديم أسعار عادلة. ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح ومتى ما اقتنع العميل بوجود مشكلة كبيرة سوف يحول هذه المشكلة إلى فرصة. فقد رأينا تزايد الشراء عن طريق الانترنت كما رأينا تزايد ظهور المتاجر الالكترونية التي تشتري من الخارج وتبيع في السوق المحلي والتي كونت فرصة حقيقة لتجار جدد وأيضا قدمت عروضا تنافسية للمستهلكين.
رسالتي لك أيها العميل أنك أنت الحل في هذه المشكلة فالشركات هي منشآت ربحية تهدف لتعزيز حقوق الملاك وغالبا ما يتم ذلك من خلال العملاء فلو وجدت الشركات أن أهدافها لا تتحقق إلا بالممارسات الإيجابية فحتما ستتخذ من هذه الممارسات سياسات لها نزولا عند رغبة العملاء.
* أكاديمي متخصص في التسويق وسلوك المستهلك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق